كتاب فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك (اسم الجزء: 1)

تَنْبِيهٌ) وَالْإِقَالَةُ فِي هَذَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ قَالَ مَالِكٌ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ فِيمَنْ أَقَالَ مِنْ حَائِطٍ عَلَى أَنَّهُ مَتَى بَاعَهُ بَائِعُهُ الْمُسْتَقِيلُ فَالْمُشْتَرِي أَحَقُّ بِهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي يَبِيعُهُ بِهِ ثُمَّ بَاعَهُ بَعْدَ زَمَانٍ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ آخِرًا وَلَهُ أَنْ يَتْرُكَهُ قَالَ ابْنُ زَرِبٍ أَوْجَبَ مَالِكٌ لِلْمُقِيلِ أَخْذَ الْحَائِطِ بِشَرْطِهِ، وَإِنْ بَاعَهُ الْمُسْتَقِيلُ بَعْدَ زَمَانٍ لِقَوْلِهِ فِي الشَّرْطِ: " مَتَى بَاعَهُ؟ " لِأَنَّ " مَتَى " لَا تَقْتَضِي قُرْبَ الزَّمَانِ بِخِلَافِ مَا فِي سَمَاعِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ كِنَانَةَ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ عَلَى أَنَّهُ إنْ بَاعَ مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ لَهُ بِالثَّمَنِ وَكَأَنَّ الْمُقْبِلَ تَخَوَّفَ مِنْ الْمُسْتَقِيلِ أَنَّهُ إنَّمَا اسْتَقَالَهُ لِيَبِيعَهُ مِنْ غَيْرِهِ بِزِيَادَةٍ أُعْطِيهَا.
وَإِنَّمَا جَازَ هَذَا الشَّرْطُ فِي الْإِقَالَةِ؛ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ فَعَلَهُ مَعَهُ وَاشْتَرَطَ أَنْ يُكَافِئَهُ عَلَيْهِ بِمَعْرُوفٍ فَلَزِمَ ذَلِكَ فِيهَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَلِمُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ فِي سَمَاعِهِ أَنَّ الْإِقَالَةَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ لَا تَجُوزُ كَالْبَيْعِ وَاَلَّذِي يُوجِبُهُ الْقِيَاسُ وَالنَّظَرُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْإِقَالَةِ وَالْبَيْعِ، وَأَنَّهُ إذَا أَقَالَهُ، أَوْ بَاعَهُ عَلَى أَنَّهُ مَتَى بَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالًا لِحَقِّ الْمُشْتَرِي وَظُلْمًا لَهُ فِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مَا بَاعَهُ دُونَ حَقٍّ، وَإِنْ هُوَ اسْتَقَالَهُ، أَوْ سَأَلَهُ الْبَيْعَ ابْتِدَاءً فَقَالَ لَهُ أَخْشَى أَنَّك إنَّمَا سَأَلْتنِي الْإِقَالَةَ، أَوْ الْبَيْعَ لِرِبْحٍ أُعْطِيت فِي ذَلِكَ لَا لِرَغْبَةٍ فِيهِ فَقَالَ لَا أُرِيدُهُ إلَّا لِلرَّغْبَةِ فِيهِ فَأَقَالَهُ، أَوْ بَاعَهُ عَلَى أَنَّهُ أَحَقُّ بِهِ بِالثَّمَنِ إنْ بَاعَهُ أَنْ يَكُونَ أَحَقَّ بِهِ إنْ بَاعَهُ بِالْقُرْبِ؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ أَنَّهُ إنَّمَا اسْتَقَالَهُ، أَوْ سَأَلَهُ الْبَيْعَ لِذَلِكَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَلَوْ أَقَالَهُ، أَوْ بَاعَهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ أَرَادَ بَيْعَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي يُعْطَى فِيهِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ الْبَيْعُ وَيُخْتَلَفُ فِي الْإِقَالَةِ؛ لِأَنَّ بَابَهَا الْمَعْرُوفُ لَا الْمُكَايَسَةُ اهـ. مُخْتَصَرًا.
وَفِي سَمَاعِ سَحْنُونَ مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ اسْتَقَالَ مُبْتَاعَهُ فَقَالَ لَهُ أَخَافُ أَنَّك تُرِيدُ بَيْعَهَا لِرِبْحٍ فَقَالَ الْبَائِعُ إنَّمَا أَرَدْتهَا لِنَفْسِي فَأَقَالَهُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ بَاعَ تِلْكَ السِّلْعَةَ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ اسْتَقَالَهُ لِيَبِيعَهَا فَبَيْعُهُ مُنْتَقِضٌ غَيْرُ جَائِزٍ.
وَإِنْ بَاعَهَا لِغَيْرِ ذَلِكَ بَدَا لَهُ فِي بَيْعِهَا فَطَالَ زَمَانُهَا فَبَيْعُهُ جَائِزٌ كَقَوْلِ مَالِكٍ فِيمَنْ طَلَبَ مِنْ امْرَأَتِهِ أَنْ تَضَعَ لَهُ مَهْرَهَا فَقَالَتْ: أَخَافُ إنْ وَضَعْتُهُ طَلَّقْتَنِي، فَقَالَ مَا أَفْعَلُ فَوَضَعَتْهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا لَهَا الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِمَا وَضَعَتْ إلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ وَيَتَبَيَّنَ صِحَّةُ ذَلِكَ فَلَا رُجُوعَ لَهَا.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُهُ: " إنَّ الْبَيْعَ مُنْتَقِضٌ " إذَا عُلِمَ أَنَّهُ إنَّمَا اسْتَقَالَهُ لِيَبِيعَهَا صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَقَالَهُ عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَهَا، فَإِنْ بَاعَهَا نُقِضَ الْبَيْعُ وَرُدَّتْ إلَيْهِ السِّلْعَةُ وَيُسْتَدَلُّ عَلَى ذَلِكَ بِبَيْعِهِ إيَّاهَا بِقُرْبِ ذَلِكَ، وَإِذَا نُقِضَ الْبَيْعُ فِيهَا انْتَقَضَتْ الْإِقَالَةُ وَرُدَّتْ إلَى الْمُقِيلِ.
وَلَوْ أَقَالَهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ بَاعَهَا كَانَ أَحَقَّ بِهَا بِالثَّمَنِ الَّذِي يَبِيعُهَا بِهِ فَبَاعَهَا بِقُرْبِ ذَلِكَ لَرُدَّ الْبَيْعُ فِيهَا وَأَخَذَهَا الْمُقِيلُ عَلَى مَا مَضَى فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ.
وَتَنْظِيرُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِمَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا أَخَافُ إلَخْ مِثْلُ قَوْلِ الْمُبْتَاعِ أَخَافُ أَنْ أُقِيلَك إلَخْ، وَلَوْ لَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا هَذَا

الصفحة 351