كتاب فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك (اسم الجزء: 1)

مَا قَوْلُكُمْ) فِي تَزْوِيجِ رَجُلٍ بِنْتَه الصَّغِيرَةَ لِخَادِمِهِ بِخِدْمَتِهِ لَهُ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ بِزَمَنٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَهَلْ هُوَ فَاسِدٌ يُفْسَخُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ هُوَ فَاسِدٌ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الصَّدَاقِ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُخْتَصَرِ الصَّدَاقُ كَالثَّمَنِ وَمِنْ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي كَوْنِهِ مَنَافِعَ كَخِدْمَتِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً أَوْ تَعْلِيمُهُ قُرْآنًا مَنَعَهُ مَالِكٌ وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهُ أَصْبَغُ، وَإِنْ وَقَعَ مَضَى عَلَى الْمَشْهُورِ اهـ.
فَمَفْهُومٌ قَوْلُهُ مُدَّةً مُعِينَةً أَنَّهُ إنْ لَمْ تُعَيَّنْ الْمُدَّةُ يُمْنَعُ اتِّفَاقًا وَفِي عِبَارَةِ الْخَرَشِيِّ يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ إذَا وَقَعَ بِمَنَافِعِ دَارٍ أَوْ دَابَّةٍ، أَوْ عَبْدٍ فِي عَقْدِ إجَارَةٍ، أَوْ وَقَعَ عَلَى أَنْ يُعَلِّمَ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ قُرْآنًا مُحَدِّدًا بِحِفْظٍ، أَوْ نَظَرٍ إلَخْ فَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ عَقْدِ إجَارَةٍ وَقَوْلُهُ مُحَدِّدًا بِحِفْظِ، أَوْ نَظَرٍ، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ حَيْثُ حُدِّدَتْ الْمَنْفَعَةُ بِزَمَنٍ، أَوْ عَمَلٍ وَإِلَّا فَسَدَ اتِّفَاقًا لِلْجَهْلِ.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُهُ، وَإِنْ وَقَعَ مَضَى عَلَى الْمَشْهُورِ تَفْرِيعٌ عَلَى مَا نَسَبَهُ لِمَالِكٍ مِنْ الْمَنْعِ.
وَأَمَّا عَلَى الْجِوَارِ وَالْكَرَاهَةِ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي الْإِمْضَاءِ، وَإِنَّمَا مَضَى عَلَى الْمَشْهُورِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ وَمَا شَهَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، ثُمَّ قَالَ وَقَوْلُ ابْنِ رَاشِدٍ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ الْإِمْضَاءَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي حُكْمِهِ الْكَرَاهَةُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ ابْتِدَاءً الْمَنْعَ، وَإِذَا وَقَعَ صَحَّ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَسَبَ الْمَنْعَ لِمَالِكٍ فَكَيْفَ يَكُونُ الْمَشْهُورُ خِلَافَهُ اهـ.
قَالَ الْبُنَانِيُّ لَكِنْ ابْنَ عَرَفَةَ مَعَ مَا عَلِمَ مِنْ حِفْظِهِ لَمْ يَحْكِ هَذَا الَّذِي شَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا عَرَّجَ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ، وَقَدْ اعْتَرَضَهُ اللَّقَانِيُّ وَغَيْرُهُ بِذَلِكَ، وَقَدْ حَصَلَ ابْنُ عَرَفَةَ خَمْسَةَ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ الْكَرَاهَةُ فَيَمْضِي بِالْعَقْدِ.
وَالثَّانِي الْمَنْعُ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ.
الثَّالِثُ إذَا كَانَ مَعَ الْمَنَافِعِ نَقْدٌ جَازَ وَإِلَّا فَالثَّانِي.
الرَّابِعُ إنْ لَمْ يَكُنْ نَقْدٌ فَالثَّانِي وَإِلَّا فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَمَضَى بَعْدَهُ بِالنَّقْدِ وَقِيمَةِ الْعَمَلِ.
الْخَامِسُ بِالنَّقْدِ وَالْعَمَلِ اهـ.
فَأَنْتَ تَرَاهُ لَمْ يَنْقُلْ أَصْلًا الْقَوْلَ الَّذِي قَالَ الْمُصَنِّفُ إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَفَسَّرَ بِهِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ ظَهَرَ لَهُ هُنَا أَنَّ الصَّوَابَ مَا فَهِمَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ لَا مَا فَهِمَهُ هُوَ فِي التَّوْضِيحِ فَلِذَا عَدَلَ عَنْهُ هُنَا إلَى ذِكْرِ الْقَوْلَيْنِ وَحِينَئِذٍ يَسْقُطُ قَوْلُ عَبْدِ الْبَاقِي الْمُعْتَمَدُ الْمَنْعُ مَعَ الْمُضِيِّ اهـ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ أَهْلِ كَرْدِفَانَ مِنْ طَمَعِهِمْ فِي بَنَاتِهِمْ إذَا خُطِبَتْ مِنْهُمْ يَقُولُ: أَبُوهَا لِخَاطِبِهَا لَا أُعْطِيكهَا حَتَّى تُعْطِينِي خَمْسَ بَقَرَاتٍ مَثَلًا وَأُمُّهَا لَهَا بَقَرٌ يُسَمُّونَهُ حَقَّ الْحَضَانَةِ، فَإِذَا أَعْطَاهُمَا ذَلِكَ زَوَّجُوهَا لَهُ بِصَدَاقٍ آخَرَ فَهَلْ لِلْبِنْتِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِمَا بِذَلِكَ وَهَلْ لَهَا مُخَالَعَةُ زَوْجِهَا بِرَدِّهِ إلَيْهِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِهِ

الصفحة 418