كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 1)

قال: أي: إذا زال ضوء النهار، دخلوا في سواد الليل وظلمة الغبار، فكأن هناك ليلين.
وكذا قال في البيت الذي يليه (في صفة الليل) وهو قسيمه في معناه.
قال: وقد أتى النابغة بمعنى هذين البيتين في بيت واحد في قوله في وصف الجيش (البسيط)
تَبْدو كَوَاكِبُهُ والشَّمْسُ طَالِعَةٌ ... نُوراً بِنُورٍ وإظْلاما بإظلامِ
وأقول: هذا المعنى قد جاء كثيرا، وكأن معنى أبي الطيب وترتيبه من قول أبي
تمام: (البسيط)
ضَوْءٌ من النَّارِ والظَّلْمَاءُ عَاكِفَةٌ ... وظُلْمَةٌ من دُخَانٍ في ضُحى شَجِبِ
فالشَّمْسُ طَالِعَةٌ مِنْ ذَا وقَدْ أفَلَتْ ... والشَّمْسُ واجِبةٌ مِنْ ذَا ولم تَجِبِ
إلا أن بيتي أبي الطيب أقصر وزنا، وأظهر معنى، وأقل كلفة، فإن كان أخذ المعنى منه، فقد زاد عليه فيه، وإن كان وارده (فيه) فهو أحق به منه. والأظهر أن أبا الطيب لم يكن ليعتمد إلا على ما يجلبه فكره ويستنتجه خاطره.

الصفحة 102