كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 1)

قال: ومعنى البيت انهم ظنوا ان قد قصدهم فهربوا من بين يديه فتقطعوا.
وأقول: إن هذا مثل ضربه، وذلك أن العادة جارية بحدوث الخمار فيمن يشربون الخمر فتحدث لهم سكرا وصرعا بالنون، لا فيمن لم يشربها. وهؤلاء - بنو نمير الذين أجفلوا خوفا من سيف الدولة مما صنع ببني كلاب الذين أوقع (بهم) -
بمنزلة الذين صرعوا سكرا وخمارا من شرب غيرهم.
وقوله: (الوافر)
تَصَاهَلُ خَيْلُهُ مُتَجَاوِبَاتٍ ... وما من عَادَة الخَيْلِ السَّرارُ
قال: يقول: كأن بعضها يسر إلى بعض شكيته، لما يجشمها من ملاقاة الحروب وقطع المفاوز، ألا ترى إلى قوله: (الكامل)
نَطَقَتْ بسُؤدَدِكَ الحَمَامُ تَغَنَّياً ... وبِمَا تُجَشَّمُهَا الجِيَادُ صَهِيلاَ
ويجوز أن يكون معناه أن خيله مؤدبة فتصاهلها سرارا هيبة له كقوله في أبي شجاع يصف خيله ورجاله: (الرجز)
ما يَتَحَّركْنَ سِوَى انْسِلاَلِ
فَهُنَّ يُضْرَبْنَ على التَّصْهَالِ
كُلُّ عَليلٍ فَوْقَهَا مُخْتَالِ
يُمْسِكُ فاهُ خَشْيَةَ السُّعَالِ

الصفحة 104