كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 1)

قال: وقوله:
. . . . . . . . . لَخِلْتُ الأكْمَ مُوغَرَةَ الصُّدُورِ
يحتمل أمين: أحدهما: أنه يريد أن الأكم تنبو به فلا يستقر فيها، ولا تطمئن به فكأنه ذلك لعداوة بينهما.
والآخر، وهو الوجه: أن يكون أراد شدة ما يقاسي فيها من الحر والبرد، وأنها
موغرة الصدور من شدة حرارتها، ويؤكد هذا قوله في هذه القطعة أيضا: (الوافر)
. . . . . . . . . وأَنْصِبُ حُرَّ وَجْهي للهَجِيرِ
وذكر الواحدي عن ابن فورجة تزييف الوجهين؛ بأن قال: لم يرد أن يستقر في الأكم فتنبو به وبئس ما يختار لداره ومقامه، وكيف خص الأكم بشدة الحر، والمكان الضاحي للشمس أولى بالحر؟ وللأكم ظل فهي أبرد من المكان الذي لا ظل فيه.
ثم إنه ذكر وجها ثالثا ليس يحسن كالوجهين الأولين يذكر في شرح الواحدي.
وأقول: إنما خص الأكم، ويريد بها الجبال، وجعلها موغرة الصدور لحسدها له حيث يفضلها في العلو والثبات والرصانة، وقوله: كل شيء أطلق وأراد التخصيص أي: كل شيء حسن عال غال، كقوله - تعالى: (وأوتيت من كل شيء).

الصفحة 112