كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 1)

القافية. والمعنى بتلك اللفظة، اظهر من أن يخفى على من له أدنى نظر، وذلك الحجاز بلاد شديدة الحر؛ قليلة المطر، مجاورة لنجد؛ فلما سل الركض السيف بليل أومض فظن أهل الحجاز أنه برق، والبرق مظنة الغيث، فتصدوا له.
وقوله: (الخفيف)
تَقْضَمُ الجَمْرَ والحَدِيدَ الأعادي ... دونَهُ قَضْمَ سُكَّرِ الأَهْوَازِ
قال: أي تقضمها حنقا عليه، وقصورا عنه كقول الأعشى: (الطويل)
فَعَضَّ جديدَ الأَرْضِ إن كُنتَ سَاخِطا ... بِفيكَ وأَحْجارَ الكُلابِ الرَّواهِصَا
وأقول: إنما خص الجمر والحديد بالذكر دون غيرهما؛ لأنه جعل أعداءه، من خوفه، بمنزلة النعام تأكل الجمر والحديد، والنعام يوصف بذلك، كقوله: (الخفيف)
إنَّما مُرَّةُ بنُ عَوْفِ بن سَعْدٍ ... جَمَراتُ لا تَشْهِيهَا النَّعامُ
ويوصف بالخوف والذعر كقول يزيد بن قفافة: (الطويل)
كأَنَّ بصَحراءِ المُريط نعامَةً ... تبادِرُهَا جِنْحَ الظَّلامِ نَعَائِمُ
أعَارَتْكَ رِجْليْهَا وهَافِيَ لُبَّهَا ... وقد جُرَّدَتْ بِيضُ السيوف صَوَارِمُ

الصفحة 123