كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 1)

قال: وهمز عين الفعل من رأسه لأن القافية غير مردفة كما قال: (الطويل)
يقولُ ليَ الحَدَّادُ وهو يَقُودني ... إلى السَّجنِ: لا تَجْزَعْ فما بك من بَأسِ
ألا تراه يقول في هذه القصيدة: (الطويل)
. . . . . . . . . ويتركُ عُذري وهو أَضْوَا من الشَّمْسِ
فجعل همزة بأس بازاء ميم شمس.
وأقول: إنما فعل ذلك لأن عين رأس أصلها الهمز فأتى بها على الأصل، وإذا كانت كذلك فهي موازية موازنة لجميع الحروف الصحاح، الميم وغيرها، وإنما الكلام فيها إذا خرجت عن أصلها فجاءت في قصيدة مردفة ردفا كقول الحطيئة: (البسيط)
أزْمَعْتُ يأساً مُرِيحاً من نَوالِكُمُ ... ولن تَرَى طارداً للحُرَّ كاليَاسِ
من قوله: (البسيط)
واللهِ ما مَعْشَرٌ لأَمُوا امْرَءا جُنُباً ... في آلِ لأْيِ بن شَمَّاسٍ بأْكَياسِ
فحينئذ يقال: إنما ترك الهمز هاهنا، وهو أصل، لأجل الردف، إذ القصيدة مردفة. فالشيء إنما يعلل إذا خرج عن أصله، وإنما الشيخ جار على طريقته المألوفة، وشنشنته المعروفة، في كثرة الكلام بالتمويه والإيهام!

الصفحة 129