كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 1)

وقوله: (الوافر)
فَما خَاشيكَ للتَّكذِيبِ رَاجٍ ... ولا رَاجيكَ للتَّخْييبِ خَاشي
قال: ليس يرجو من يخشاك أن يلقى من يكذبه ويخطئه في خوفك، لأن الناس مجمعون على خوفك.
ومعنى راج: خائف، كقوله تعالى: (وقال الذين لا يرجون لقاءنا)، وقال الشاعر:. (الطويل)
إذَا لَسِعَتْهُ النَّحْلُ لم يرْجُ لَسْعَهَا ... وخَالَفَهَا في بَيْتِ نُوبٍ عَوامِلِ
وأقول: إن الذي ذكره في هذا البيت من جنس كلامه قبله في إيهامه، ونفخه وجفخه، باطلاعه على غريب اللغة، واستخراجه منها ما يخفى على غيره في راج أنه بمعنى خائف، واستشهاده على ذلك بالآية والبيت. وليس راج إلا من الرجاء، وهو الطمع، وصنعة البيت بتركيبه وترتيبه يدل عليه، وهو قلب صدره على عجزه!
والمعنى أن خاشيك في الحرب لا يرجو التكذيب من نفسه أو من غيره، وراجيك في الجود لا يخشى التخييب؛ لأنه واثق منك بالعطاء وبلوغ الرجاء.

الصفحة 130