كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 1)

قال: فيه قبح لأن المشهور عندهم أن ينسب الممدوح إلى المنفعة لأوليائه، والمضرة لأعدائه؛ ألا ترى إلى قول الآخر: (الطويل)
ولكِنْ فَتَى الفِتْيَانِ من رَاحَ واغتَدَى ... لِضَرَّ عَدُوَّ أو لنَفْعِ صَدِيقِ
وقال الآخر: (الرجز)
كَفَّاك كَفٌّ ما تُلِيقُ درهما
جوداً وأُخْرى تُقْطِرُ السَّيفَ دَمَا
فيقال له: ليس في هذا قبح، وإنما فيه مبالغة، وقد جاء هذا المعنى لغيره قبله وكأنه مأخوذ منه وهو: (الكامل)
عند المُلوكِ مَضَرَّةٌ ومنافِعٌ ... وأرَى البرامِكَ لا تَضُرُّ وتَنْفَعُ
وبيت المتنبي أسلم من هذا؛ وذلك أنه لما جعله كالبحر في جوده وسعة كرمه،
وهذه صفة حسنة، نفى عنه ما يكره منه، وهو الملوحة، وما يؤذي ويضر؛ كالغرق وغيره، وهذه مبالغة في المدح، ونهاية في الحذق.

الصفحة 139