كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 1)

وأقول: كأنه أنشد هذين البيتين على أن النفس الدم، وجعلهما مثل الأول ولم يرد بالنفس هاهنا الدم وإنما أراد الروح، وهي مما يوصف حال الخوف بالتطلع؛ قال عمرو بن معدي كرب: (الطويل)
وجاشَتْ إليَّ النفسُ أولَ مَرَّةٍ ... ورُدَّتْ مَكْروهِها فاسْتَقرَّتِ
وكذلك القلوب كقوله تعالى: (وبلغت القلوب الحناجر). فالدم لا يتطلع؛ وإنما الدم عند الخوف يغور، والنفس تفور. ويحتمل أن يكون أبو الطيب جعل الدم النفس التي هي الروح أو بمنزلتها توسعا ومجازا، فقر دم الوحش بموته أمنا، وكان يتطلع إلى الخروج خوفا؛ يصفه بكثرة الصيد. ويكون بيت أبي الطيب من بيت عمرو المذكور. وأما ضربه لذلك مثلا بالحمار فليس بينهما مقاربة.
وقوله: (الكامل)
وتصَالَحتْ ثَمَرُ السَّياطِ وخَيْلُهُ ... وأَوَتْ إليها سُوقُها والأذْرُعُ
قال: ثمر السياط: أطرافها، وهذه استعارة حسنة لأنه كان يديم ضربه إياها إما لقصد

الصفحة 152