كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 1)

فيقال: ينبغي إذا كانت الفظة الواحدة محتملة معنيين أو معاني، واستعملت في مكان، أن يتأمل ذاك المكان وتحمل على ما يليق به فتختص به. وفهق؛ هذه اللفظة؛ قد استعملت بمعنى الاتساع ومعنى الامتلاء؛ قال الخليل: انفهقت العين: امتلأت بالماء.
وقال الأعشى: (الطويل)
نَفَى الذَّمَّ عن آلِ المُحَلَّقِ جَفْنَةٌ ... كجَابِيةِ السَّيحِ العِراقَي تَفْهَقُ
والبيت الذي أنشده والحديث يحتملان هذا المعنى. فلا يليق بهذه اللفظة من قول أبي الطيب إلا أن تكون بمعنى الامتلاء؛ لأن ضيق المكر إنما حصل بالامتلاء من الدم، فالاتساع يضاد الضيق. ولو أراد بيفهق الاتساع لقال:
. . . . . . . . . إذا رَحُبَ المكَرُّ دَما وضَاقَا
ولو قال ذلك حسن (حسن الأول).
وقوله: (الوافر)
ولكِنَّا نُداعِبُ منه قَرْما ... تَراجَعَتِ القُرومُ له حِقَاقَا

الصفحة 161