كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 1)

حَاسِديَّ عليك. . . ... . . . . . . . . .
فالكاف في: عليك حسنت الصنعة.
ولعمري أن لو قال: فأبلغ حاسدي على غيرك؛ لكان قد هجن المديح، ولكنه أحسن التخلص بالكاف.
وقال الوحيد رادا عليه: ما أغنت الكاف في هذا شيئا؛ بل من شأنها أن تزيد! وذلك أن الملوك يجلون عن الخطاب بالكاف.
وأما قوله: لو قال: فأبلغ حاسدي على غيرك؛ لكان قد هجن المديح فإنه لو قال ذلك لعد من المجانين!
وأما قوله:
فأبِلغْ حاسِديَّ عليك. . . . . . . . . . . .
فإنه يعد به جافيا جفاء الأعراب، أو سيئ الآداب! لأن الملوك لا يستقبلون بهذا!
وأقول: وفيه أيضا زيادة وهي: أن هؤلاء الذين أمر سيف الدولة بإبلاغ رسالته إليهم، وأنه قد فاتهم في الفضائل فلا يمكن أن يلحقوا به، إذ كان البرق يكبو، دونه، هم أصحابه وجلساؤه وندماؤه. ثم لم يرض ولم يقنع من سيف الدولة بإبلاغ رسالته إليهم إلا بضرب أعناقهم! وفي هذا الإدلال والتحكم غاية الجهل والتهور. وبقوله هذا وأمثاله في أشعاره، وإكثاره، حتى لا تكاد قصيدة تخلو من

الصفحة 163