كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 1)

فأرْسَلَهَا العِراكَ ولم يَذُدْهَا ... ولم يُشْفِقْ على نَغَصِ الدَّخَالِ
ثم قال: وهذا البيت - يعني بيت المتنبي - أبلغ في ذكر العطاء والسعة من قول الكميت: (المتقارب)
أناسٌ إذا وَرَدَتْ بَحْرَهُمْ ... صَوَادي الغَرائِبِ لم تُضْرَبِ
لأنه لم يصرح بالجموم مع الورود، والمتنبي صرح به وذكر أيضا الدخال وأنه يجم أوقات القلة، فزاد فيه وصار أحق به لما ذكرت لك.
فيقال له: ليس ذكر الدخال بزيادة في المعنى بل نقص! وذلك لما فسره من أنه دخول بعير قد شرب بين بعيرين لم يشربا لقلة الماء، فهذا نقص لقوله:
فَلا غِيضَتْ بِحَارُكَ يا جَمُوماً. . . . . . . . .
لأن البحر هو الماء الكثير فلا ترده الإبل دخالا بل جملة مرة واحدة لكثرته. وأما بيت الكميت فإنه صحيح المعنى، حسن اللفظ، منصب في قالب الاسترسال بالطبع.
وقوله: (المتقارب)
ولَّما نَشِفْنَ لَقِينَ السَّيَاطَ ... بِمِثْلِ صَفَا البَلَدِ المَاحِلِ

الصفحة 195