كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 1)

أتَاكَ كأنَّ الرأسَ يَجْحَدُ عُنْقَهُ ... وتَنْقَدُّ تحْتَ الذُّعْرِ منه المَفَاصِلُ
قال: أي: يتبرأ بعضه من بعض لإقدامه على المصير إليك هيبة لك.
وأقول: هذا التفسير بضد المعنى؛ ولو قال في موضع يتبرأ بعضه من بعض: يتداخل بعضه في بعض لأصاب؛ لأن الخائف كذلك يفعل؛ يتجمع ويتضاءل، والآمن يتظاهر ويتطاول.
وقوله: (الطويل)
كَريمٌ إذَا اسْتُوهِبْتَ مَا أَنْتَ راكِبٌ ... وقد لَقِحَتْ حَرْبٌ فإنكَ نَازِلُ
قال: وهو كقوله: (الوافر)
ولو يَمَّمْتَهُمْ في الحَشْرِ تَجْدو ... لأعْطَوْكَ الذي صَلَّوا وصَامُوا
وأقول: ويحتمل أن يكون هذا من قول أبي تمام: (الطويل)
أخا الحَرْبِ! كَمْ أَلْقَحْتَها وهي حَائِلٌ ... وأَخَّرْتَهَا عن وَقْتِها وهي مَاخِصُ
فيكون قوله:
. . . إذَا استُوهِبْتَ ما أنتَ راكِبٌ. . . . . . . . .
من الجد في القتال، وقد لحقت الحرب، أي: في أوائلها وعند اتصالها فإنك نازل؛ أي: تارك لها كرما وحياء وإبقاء. ويكون هذا البيت مثل شطر بيت أبي تمام

الصفحة 208