كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 1)

أشار إلى هذه الميتة بأنها شريفة، وأن ليس لها كفؤ فيكون منه خطبة لها، فلو كان الخاطب (لها) غير الموت لرد. وكأن هذا ينظر إلى بيت مهلهل: (المنسرح)
أنْكَحَها فَقْدُها الأرَاقِمَ في ... جَنْبٍ وكانَ الحِبَاءُ من أدَمِ
لَو بأبانَيْنِ جاَء يَخْطُبُها ... ضُرَّج ما أنفُ خَاطبٍ بَدَمٍ
والذي يَدُلُّ على صِحَّة هذَا التفسير البيت الذي يليه وهو قوله: (الخفيف)
وإذَا لم تَجِدْ من النَّاسِ كفؤاً ... ذاتُ خِدْرٍ أَرَادَتِ المَوتَ المَوتَ بَعْلا
وقوله: (الخفيف)
شِيَمُ الغَانِيات فِيهَا فَلاَ أَدْ ... رِي لذا أنَّثَ اسْمَها الناسُ أَمْ لاَ
قال: إنما سميت الدنيا لأنها الدار الدانية، وليست الآخرة المتوقعة، فأظهر تجاهلا ب ذا لما فيه عذوبة اللفظ وصنعة الشعر، وهذا كقول زهير: (الوافر)
وما أدْرِي وَسَوْفَ إخالُ أَدْرِي ... أَقَوْمٌ آلُ حِصْنِ أم نِسَاءُ
أي: أرجال أم نساء هم، وهو يدري أنهم رجال، ولكن تعامى عن هذا؛ لأن فيه ضربا من الهزء.
وأقول: ليس التشكك والتجاهل في بيت المتنبي لأجل عذوبة اللفظ وصنعة الشعر،

الصفحة 210