كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 1)

وأما قوله: إن الأدمة بعد البياض، وإن كانت مكروهة من غيري، فإني أسر بها وأجذل؛ لأني اكسبها من طلب المعالي كما أن الذبول، وإن كان مذموما في غير القناة فإنه محمود فيها. فلو وضع موضع أسر بها فإنها حميدة في كما أن الذبول حميد في القناة فحذف حميدة أولا استغناء عنها بحميد آخرا لدلالته عليها لأصاب المعنى، وأطاب المجنى.
ومثله: إن تبسم زيد، فحميد من السحاب البرق؛ كأنه قال: فحميد منه التبسم كما أنه حميد من السحاب البرق. فعلى هذا التفسير لا يكون زيد السحاب، ولا أبو الطيب القناة، بل يكون ذلك مثلا لهما، وعلى التفسير الأول: هما هما.
وقوله: (الخفيف)
نَحْنُ أَدْى وقد سَأَلْنَا بنَجْدٍ ... أَطَويلٌ طَريقُهُ أمْ يَطُولُ
قال: أطويل هو في الحقيقة، أم يطوله الشوق إلى المقصود؟ وهذا البيت يؤكد عندك أنه أراده في قوله: (الخفيف)
شِيَمُ الغَانِيَاتِ فيها فَمَا أَدْ ... رِي لذَا أنَّثَ اسْمَهَا الناسُ أم لا
وهذا كنحو قول زهير: (الوافر)
وما أَدْرِي وسوفَ إخَالُ أَدْري ... أقَوْمٌ آلُ حِصْنٍ أمْ نِسَاءُ؟

الصفحة 220