كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 1)

ألا تراه يقول بهد هذا: (الخفيف)
وكَثِيرٌ من السُّؤالِ اشْتِيَاقٌ ... وكَثيرٌ من رَدَّهِ تَعْلِيلُ
فهذه طريقة للشعراء؛ يظهرون التجاهل بالشيء وإن كانوا يعرفونه، وهذا من نحو
قول أبي تمام: (الكامل)
ومكَارِماً عُتُقَ النَّجَارِ تَليدةً ... إنْ كانَ هَضْبُ عَمَايَتَيْنِ تَلِيدا
ألا تراه أدخل الكلام شرطا، فأوقع في لفظه شكا؟ لأن أحدا لا يجهل أن هضب عمايتين قديم تليد غير معروف الأول. ومن خاص كلام العرب، ونظر إلى تصرفها، ومذاهبها، وإشاراتها، أجاز ما منع غيره، ومنع ما يجيزه. أولا ترى إلى قول بشر: (الوافر)
أُسَائِلُ صَاحَبَيَّ وقد أَرَاني ... بَصسِراً بالظَّعَائنِ حيثُ سَارُوا
وله أشباه كثيرة.
وأقول: هذا التمثيل غير صحيح! أما بيت أبي الطيب فتفسيره البيت الذي يليه؛ يقول: نسأل عن طريق نجد ونحن أعلم به، وإنما نفعل ذلك لأن من السؤال اشتياقا؛ أي: لشوقنا نفعل ذلك؛ ولأن من رد السؤال تعليلا؛ أي: لنتعلل به، فليس ذلك لتجاهل.
وأما بيت أبي الطيب الذي مثله به وهو قوله:
شِيَمُ الغَانِيات فيها. . . . . . . . .

الصفحة 221