كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 1)

قال: أي: يتثنى قدها كأنه نشوان لأنه نظر إلى طرفها فسكر.
وأقول: قوله: لأنه نظر إلى طرفها فسطر كلام واهن القوى، واهي العرا، وإنما ينبغي أن يقال: وصفها بشيئين؛ بحسن القد، وحسن الطرف، فجعل قدها، لتثنيه، كأنه ثمل، وطرفها، لإزالته العقل، كأن فيه خمرا شرب (منه) قدها فمال سكرا، وهذا مذهب غريب، وطريق عجيب، أرى أن يكون من صناعة البديع، وينضم إلى التكميل وذلك أنه كمل الوصف بأن جعل المشبه والمشبه به كليهما منها. أو يزاد في صنعة البديع ويسمى التوشيع. وهذا مثل قوله في خلعة خلعها عليه سيف الدولة: (الكامل)
فكأنَّ صِحَّةَ نَسْجِهَا من لَفْظِهِ ... وكأنَّ حُسْنَ نَقَائِها من عِرضِهِ
وقد جاء مثل هذا لبعض أهل العصر في بعضه: (الكامل)
حَسُنَتْ لنا أخْلاَقُهُ فكأنَّهَا ... من ذِكْرِهِ في النَّاسِ أو أشْعَارِهِ
وقوله: (المنسرح)
يَجْذِبُهَا تَحْتَ خَصْرْهَا عَجُزٌ ... كأنَّه من فِراقِهَا وَجِلُ
قال: وهذا البيت نسيب الأول، ولقد أحسن فيهما وعذب لفظه. يقول: كأن عجزها وجل من فراقها، فهو متساقط متحرك قد ذهبت منته وتماسكه.

الصفحة 235