كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 1)

فَلَمْ تَدَعْ مَنها سِوى المُحالِ
في لا مَكانٍ عِنْدَ لا مَحالِ
قال: أرجو له - عفا الله عنه - أن لا يكون أراد بهذا القول، الغمز على أهل التوحيد، أن ما لم يحوه مكان، ولم يصر إليه مثال فهو محال. وهذا محال لأن الله تقدست أسماؤه، وجل ثناؤه لا يحويه مكان، ولا يُدرَك وهو حق الحق.
فيقال له: قوله:
وقد بَلَغْتَ غَايَةَ الآمالِ
يعني: من أفعالك وأمور دنياك، ينفي عنه ذلك التوهم الفاسد، وذلك أن هذه الأشياء ما لم تكن منها في مكان وله مثال يمثله الخاطر أو يراه الناظر، فهو محال لا محالة. فعلى هذا لا يكون قد أراد ما توهمه من أنه غمز على أهل التوحيد في إثبات ذات الباري على هذه الصفة، لأنه - سبحانه - ليس مما يبلغ
بالآمال ويدرك بالأفعال.
وقوله: (الطويل)
وفَاؤكُمَا كالرَّبْعِ أشْجَاهُ طاسِمهْ ... بأنْ تُسْعِدا والدَّمْعُ أَشْفَاهُ سَاجُمهْ

الصفحة 251