كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 1)

أبي معرفة لإضافته إليه؟ والجواب أنه اضطر إلى (ترك) الفصل بينه وبينه؛ كأنه قال: إن لفلان؛ أي: كل إنسان يقال له أبو فلان، كما يقال: (رب) واحد أمه لقيته، ورب عبد بطنه ضربت، فافهمه!
فيقال له: الدخل الذي ذكرته وارد، والجواب عنه غير شاف كاف؛ لأن ما ذكرته من رب واحد أمه وعبد بطنه يسمع ولا يقاس عليه. والجيد أن يقال: إن أبا فلان هاهنا، كناية عن كل شجاع معروف، وذلك أن الفارس منهم، كان إذا طعن قرنه طعنة قال: خذها وأنا أبو فلان، ومنه قول أبي نواس: (الطويل)
وللفَضْلُ أمْضَى مُقدماً من ضُبَارمٍ ... إذا لبِسَ الدَّرْعَ الحَصِينَةَ واكتَنَى
فهذا نكرة معنى، وإن كان معرفة لفظا، فلذلك جاز إضافة كل إليه واحدا في معنى الجمع.
وقوله: (البسيط)
وقد تَمَنَّوا غداةَ لدَّرْبِ في لَجِبٍ ... أنْ يُبْصِرُوكَ فلمَّا أبْصَرُوكَ عَمُوا
قال: أي: هلكوا فزالت أبصارهم، ويكون عموا، أي: تحيروا لما نظروا إليك فلم يملكوا أبصارهم.

الصفحة 262