كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 1)

ذلك (المعنى) إضافة الفعل إلى الفاعل، ألا ترى أن الزهو من فعله (وإن كان قد حمل عليه) والشغل من فعلها، والعناية من فعلهم (فزهي وشغلت ليس كضرب وقتلت مما ذكر فاعله ولكن بني على المفعول المتروك فاعله تشبيها ببنائه على الفاعل). فلذلك جاز أن يبنى من المفعول في اللفظ، والمعنى للفاعل، ولهذا حسن الذم على الزهو والشغل، والحمد على العناية بالشأن. وكذلك قولهم هو أحمد منه وأرجى؛ كأنه بجوده فعل الحمد والرجاء. وألوم من قول المتنبي (مبني) من الفاعل لا من المفعول؛ كأنه أراد لوم لائم، على المبالغة، كما قالوا: شعر شاعر، وشغل شاغل، ثم بناه على أفعل للزيادة في المبالغة.
وقوله: (الكامل)
وإذَا سَحَابةُ صَدَّ حِبًّ أَبْرقَتْ ... تَرَكَتْ حَلاوةَ كُلَّ حُبًّ عَلْقَمَا
قد أخذ على أبي الطيب استعارة السحابة هاهنا، وقيل: إنها غير مناسبة.
وأقول: لو قال:
وإذَا مَرَارةُ صَدَّ حِبًّ أَشْرَقَتْ. . . . . . . . .
لكان أشبه بالمناسبة وأقرب إلى الصناعة.

الصفحة 264