كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 1)

أي: لا برحت! وقد استعمله أبو نواس بغير الجر؛ قال: (الطويل)
فما رِمَتُهُ حَتَّى أَتَى دونَ ما حَوَتْ ... يَمينِيَ حتى رِيْطَتي وحِذَائي
فيقال له ولأبي الطيب: إن رمت: لم تستعملها العرب إلا في النفي فقالوا: لم يرم، وما رمت، ولم يقولوا: أرام، ولا: يريم.
وأقول: إنما كان ذلك كذلك، لأنه مشبه بقولهم: ما فتئ وما برح وما زال، وهذه المنفيات بمعنى الإيجاب، ألا ترى أن حرف الاستثناء لا يدخل عليها، كما لا يدخل على كان واخواتها، مما ليس منفيا، فلا يقال: ما فتئ إلا قائما، كما لا يقال: كان إلا قائما. وإذا كان كذلك، فلا يجوز حذف حرف النفي منها، لاختلال ذلك المعنى.
وقوله: (الوافر)
ذَكْرتَ جَسِيمَ ما طَلَبي وأنَّا ... نُخَاطِرُ فيه بالمُهَجِ الجِسَامِ
قال: أراد: جسيم طلبي فزاد ما توكيدا. وإنما جعل ما زائدة ها هنا ولم يجعلها
بمعنى الذي لأن طلبي لا يكون بانفراده صلة.
فيقال له: لم لا تكون بمعنى الذي ويكون الجزء الأول من الصلة محذوفا مقدرا؟ أي: الذي هو طلبي، كقوله تعالى: (تماما على الذي أحسن) أي: الذي هو أحسن، وذلك جائز.

الصفحة 266