كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 1)

وأقول: أن قوله: (أن آخذته وقابلت أفعاله) فيه سوء فهم ونقص علم، وذلك أن معناه: فكيف أن آخذته على أفعاله، وقابلته بسيئاته؛ فأنه يكون حينئذ أندم، وليس
المراد ذلك، ولا للمقابلة هاهنا معنى، ولا هي مفهوم الخطاب، وإنما يراد بالحلم عن جهل الصديق رجوع إلى صداقته، واستبقاء لمودته، لأنه إذا حلم عن جهله ندم على ما فرط منه من قبح القول أو قبح الفعل فأستحيى، واستدرك ما فات، وعاد إلى ما حاد عنه.
وقوله:
عيونُ رَوَاحلي إنْ حِرتُ عَيني ... وكلُّ بُغامِ رِازِحَةُ بُغَامي
قال: وسألته عن معنى هذا البيت فقال: معناه: أن حارت عيني، فعيون رواحلي عيني، وبغامهن بغامي؛ أي: أن حرت فأنا بهيمة مثلهن، كما تقول: أن فعلت كذا وكذا فأنت حمار!.
فيقال له: وما آمنك أن يقال لك وأنت في هذا التفسير كذلك! وإنما هذا دعاء على نفسه بمعنى القسم كقول مالك بن الحارث:
بَقَّيتُ وَفرِي وانحَرفتُ عن العُلاَ ... ولقيتُ أضيافِيْ بَوجهِ عَبوسِ

الصفحة 282