كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 1)

وأقول: لهم يفهم الشيخ المعنى، ولا ألم بشيء منه، ولا قاربه. ولم يتبين له الضمير في (كأنه) إلى (أي) شيء هو راجع، ولا الضمير في زاد، ولا الضمير في به وكل ذلك راجع إلى حبك.
يقول: كتمت حبك من كل أحد، حتى منك، تكرمة له أو لك، وهذا أبلغ ما يكون من الكتمان. ثم بعد ذلك الكتمان الشديد ظهر، فاستوى فيك الإسرار والإعلان. أي: لم يبق إسرار. وبين ما سبب ظهور الحب؟ فقال: (كأنه)، أي: كأن الحب زاد في حتى فاض عن جسدي لكثرته، وجعله بمنزلة الجسم السائل، الذي هو الماء، استعارة فصار سقمي به، أي: بالحب الذي كان يسقمني كتمانه، وذلك سقم شديد في جسم الكتمان، فأضمحل وفني إلى أن صار مثل الإعلان. واختصاره: كتمت حبك إلى أن زاد، وغلبني فبان وزال الكتمان.
وابن جني في تفسير المعاني دون حال أبي العلاء؛ لأن أبا العلاء، في الأكثر، إذا لم يفهم المعنى أعاد اللفظ، وابن جني لا يعيد اللفظ ولا يفهم المعنى!!.
وقوله:
فَطِنَ الفؤادُ لما أتَيتُ على النَّوَى ... وَلِما تَرَكتُ مَخَافَةً أَنْ تَفطُنَا

الصفحة 290