كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 1)

أما اللفظ: فلأنها لفظة القرآن، وكلام الله أفصح الكلام (كقوله تعالى: (ثم سواك رجلا).
وأما من جانب المعنى: فإن (سواك) فيها ما في (أنشاك) وزيادة، وهو أن (سواك) بمعنى: أنشاك كاملا غير ناقص. هذا مع أن (سواك) ليس فيها ما في (أنشاك) من الضرورة، وهو قلب الهمزة ألفا من غير علة موجبة.
وهذا مبلغ نقده لجوهر الشعر، وإجلاله لقدر لفظ الذكر!!.
وقوله:
جَزَى عَرَباً أمسَتْ بِبلبيِسَ ربُّهَا ... بشمَعَاتِهَا تَقررَ بذاكَ عُيُونُهَا
قال: بلبيس بأعلى الشام دون مصر، وقد ذكرها أبو نواس في شعره فقال:
حَالَ بِلبِيسُ دُونَنَا فكفرُ شَمسَا ... فَدَاراتُ حارِثِ الجَولانِ
فيقال له: إذا لم تحقق البلاد بعيان أو سماع، فكيف تخبر عنها وتحدها فتقع في
الخطأ، وتنسب إلى الجهل وكثرة الكلام، بجعل بلبيس من الشام؟!. وبيت أبي نواس لا يدل على ذلك فلا وجه إنشاده، فإن كنت أردت تعريفه به فهو أعرف منه!.

الصفحة 293