كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 1)

أي: إذا وصفناه وأظهرناه وسميناه، كانت هذه بلاغة، وهي عي على الحقيقة؛ لأن الوصف، والإظهار، والتبيين؛ إنما يكون عند البأس غيره به، وهو كما قال في
البيت الذي يليه:
لا يَتَوَفَّى أبو العَشَائرِ مِنْ ... لَبسِ مَعَاني الوَرَى بِمعنَاهُ
فهذا الذي أراده أبو الطيب؛ وهو استفهام بمعنى التقرير والإيجاب كما ذكر ابن جني، إلا أنه ما قصده، والزمه عليه ما الزمه. ويدل على (ما) قلته قولهم: نحن العرب أقرى الناس للضيف. ولم يحتاجوا أن يرفعوا (العرب) تأكيدا ل (نحن) أو خبرا عنه، ليتميزوا به من غيرهم، أو يخبروا عنه أنهم أقرى الناس، بل ألما قالوا: (نحن) علم من هم؟ وأنهم العرب، ونصبوا على المدح والاختصاص، حتى كأن الكلام قد تم بقولهم: (نحن)، ولو قالوا: نحن أقرى الناس، ولم يذكروا (العرب) لعرفوا، وإنما يذكر التأكيد والوصف والإظهار عند الالباس بالمشاركة، وكذلك قول الراجز:
نَحنُ بني ضَبَّةَ أصحابَ الجَملْ
وقول الآخر:
إنا بني نَهشَلٍ لا نَدَّعِي لأبٍ ... عنهُ ولا هو بالأبنَاءِ يَشرِينَا
وأن ما دعا ابن جني أن حمل قوله: (ألم تكنه) أنه من الكنية بأبي فلان، أنه ذكر في هذه الأبيات الحسين ولم يذكر أبا العشائر، وهو أشهر من الحسين. والذي حملني على

الصفحة 300