كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 1)

قال: يقول: إذا مرت هذه الإبل بالمياه التي غادرتها السيول، فلكثرتها كأنها تعرض أنفسها على الإبل فتشرب منها مستحيية منها لكثرة عرضها نفوسها عليها، وإن كان لا عرض هناك ولا استحياء في الحقيقة، ولكنه جرى مثلا. ويعني بالسبت مشافرها للينها ونقائها، وجعل الموضع المتضمن للماء، لكثرة الزهر فيه، كإناء من ورد
(وأقول:) وقال الواحدي: إن أبا الفضل العروضي روى عن جماعة عن أبي الطيب أن أبا الفتح صحف استحين وبسبت وإنما هو استجبن وبشبيب، أي: إذا ما استجبن الماء، والاستجابة بالعرض أشبه وأوفق في المعنى؛ هذا يعرض نفسه وذلك يجيب. والكرع بالشيب: أن ترشف الماء، وحكاية صوت مشافرها: شيب شيب، ومنه قول ذي الرمة: (الطويل)
تَدَعَيْنَ باسْمِ الشَّيبِ في مُتَثَلَّمٍ ... جَوانِبُهُ من بَصْرَةٍ وسِلاَمِ
قال الواحدي: وليس ما قال ابن جني ببعيد من الصواب.
وأقول: إنه نقص في الإعراب وذلك أن استحين أصله: استحيين، يقال: استحيى يستحي فهو مستحى، كقوله - تعالى -: (إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا) فيقع الحذف لغير علة. واستجبن ليس فيه حذف والمعنى معه صحيح مستقيم فكان (هو) الصواب، ويكون استجبن بمعنى اجبن؛ قال كعب بن سعد: (الطويل)

الصفحة 93