كتاب الفصول في الأصول (اسم الجزء: 1)

إلَى الْمَجَازِ مَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ نَاسِخًا لِلْخُصُوصِ الْمُتَقَدِّمِ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لَمَّا احْتَمَلَ الْعَامُّ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى الْخَاصِّ وَلَمْ يَحْتَمِلْ الْخَاصُّ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى الْعَامِّ وَجَبَ حَمْلُ مَا فِيهِ احْتِمَالٌ عَلَى مَا لَا احْتِمَالَ فِيهِ.
قِيلَ لَهُ: (إنَّ) قَوْلَك إنَّ الْعَامَّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى الْخَاصِّ غَلَطٌ لِأَنَّ الْعُمُومَ حُكْمُهُ فَلَا احْتِمَالَ فِيهِ لِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا يُطْلَقُ الِاحْتِمَالُ فِي اللَّفْظِ الَّذِي يَصْلُحُ لِأَحَدِ شَيْئَيْنِ وَيَحْتَمِلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَا بِهِ جَمِيعًا مِثْلُ الْقُرْءِ الْمُحْتَمِلِ لِلْحَيْضِ وَالطُّهْرِ.
، وَأَمَّا الْعُمُومُ فَمُنْتَظِمٌ لِجَمِيعِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ الْمُسَمَّيَاتِ فَلَا احْتِمَالَ فِيهِ لِغَيْرِهِ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَالْعُمُومُ غَيْرُ مُحْتَمِلٍ لِكَوْنِهِ مَبْنِيًّا عَلَى الْخُصُوصِ كَمَا قُلْت إنَّ الْخُصُوصَ غَيْرُ مُحْتَمَلٍ لِكَوْنِهِ مَبْنِيًّا عَلَى الْعُمُومِ فَقَدْ اسْتَوَيَا فِي هَذَا الْوَجْهِ مِنْ بَابِ الِاحْتِمَالِ وَانْفَصَلْنَا نَحْنُ مِنْكُمْ بِوُرُودِ الْعُمُومِ بَعْدَ الْخُصُوصِ وَكَوْنُهُ نَاسِخًا لَهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا.
، وَذَكَرَ بَعْضُ مِنْ احْتَجَّ عَلَى عِيسَى بْنِ أَبَانَ فِي هَذَا الْبَابِ أَلْفَاظًا مِنْ الْعُمُومِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْخُصُوصِ رَامَ بِهَا دَفْعَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ فَمِنْهَا مَا فَسَادُهُ أَظْهَرُ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى كَشْفِهِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ بِنَاءِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ.
، وَجَمِيعُ مَا ذَكَرَهُ وَأَطَالَ الْقَوْلَ فِيهِ يَسْقُطُ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ نَحْنُ نَذْكُرُهُ ثُمَّ نَشْرَعُ فِي بَيَانِ خَطَئِهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ أَتَى بِهِ عَلَى حِيَالِهِ وَتَوْضِيحِ أَنَّ أَكْثَرَهُ مَوْضُوعٌ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَنَقُولُ: إنَّ جَمِيعَ مَا ذَكَرَهُ هَذَا الرَّجُلُ لَوْ سُلِّمَ (لَهُ) عَلَى حَسْبِ مَا ادَّعَاهُ لَمْ يَكُنْ (فِيهِ) دَلَالَةٌ عَلَى مَوْضِعِ الْخِلَافِ بَيْنَنَا (لِأَنَّا لَا نُنْكِرُ) بِنَاءَ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ فَنَسْتَعْمِلُهَا

الصفحة 390