كتاب الفصول في الأصول (اسم الجزء: 1)

فَجَعَلَ مَا وَصَفْنَا دَلَالَةً عَلَى أَنَّ مَا اتَّفَقَتْ (عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ) وَهُوَ النَّاسِخُ وَأَنَّ الْآخَرَ مَنْسُوخٌ بِهِ وَهَذَا أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ عِنْدِي وَأَوْلَاهُمَا بِمُرَادِهِ فِيمَا ذَكَرَهُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ إنَّمَا جَعَلَ قَوْلَ الْجُمْهُورِ (أَوْلَى) لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَدَّ بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ عَنْهُمْ لِمَا اخْتَلَفَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ حُكْمُ ذَلِكَ الْمُنْفَرِدِ فِي حَالِ ظُهُورِ النَّكِيرِ مِنْ الْجَمَاعَةِ عَلَيْهِ فِيمَا صَارَ إلَيْهِ أَوْ تَرَكَهُ النَّكِيرُ عَلَيْهِ، لِأَنَّ مَنْ لَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِ لَا يَخْتَلِفُ حَالُهُ فِي ظُهُورِ النَّكِيرِ عَلَيْهِ مِمَّنْ خَالَفَ (عَلَيْهِ) أَوْ تَرَكَهُمْ ذَلِكَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِخِلَافِ الْوَاحِدِ عَلَى الْجَمَاعَةِ.
، وَقَدْ سَوَّغَ عِيسَى (بْنُ أَبَانَ) اجْتِهَادَ الرَّأْيِ فِي الْخَبَرَيْنِ الْمُتَضَادَّيْنِ وَالْمَصِيرُ إلَى قَوْلِ الْوَاحِدِ الشَّاذِّ دُونَ الْجَمَاعَةِ إذَا لَمْ تَعِبْ الْجَمَاعَةُ عَلَى الْوَاحِدِ مَا ذَهَبَ (إلَيْهِ) مِنْ ذَلِكَ. فَدَلَّ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْقُطْ حُكْمُ الْوَاحِدِ الْمُنْفَرِدِ إذَا ظَهَرَ نَكِيرُ الْجَمَاعَةِ (عَلَيْهِ فِي مُخَالَفَتِهِ إيَّاهُمْ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَعُدَّهُ خِلَافًا وَأَنَّهُ إنَّمَا اُعْتُبِرَ مَا صَارَ إلَيْهِ الْجَمَاعَةُ) مِنْ حُكْمِ الْخَبَرَيْنِ لِأَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ هُوَ النَّاسِخُ عِنْدَهُمْ وَمِنْ أَجْلِهِ أَنْكَرُوا عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ.
، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَا كَانَ طَرِيقُهُ الِاجْتِهَادَ لَا يَجُوزُ ظُهُورُ النَّكِيرِ مِنْ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فِيهِ فَإِذَا وَجَدْنَا النَّكِيرَ ظَاهِرًا مِنْ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْوَاحِدِ وَلَمْ يَلْجَئُوا فِيمَا ذَهَبُوا إلَيْهِ إلَّا إلَى الْخَبَرِ الَّذِي اعْتَصَمُوا بِهِ. وَقَدْ سَمِعُوا مَعَ ذَلِكَ خَبَرَ

الصفحة 412