كتاب شرح الرسالة (اسم الجزء: 1)

كانت خمس ذود بين اثنين فالنص بتناوله أنها أقل من خمس في الملك.
فإن قيل: لم قال: "ليس فيما دون خمس ذود صدقة" فنفي نفيا مطلقا كان مفهومه من الإثبات مطلقا أيضا، لأن نفي الصدقة عما دون الخمس يعم، لكونها لواحد أو اثنين فكذلك إثباتها في الخمس.
قيل له: هذا ليس بصحيح لأن النفي مقدر [ق/ 109] بالمالك، لأنه إنما قصد بيان حكم كل مالك في نفس. فإذا كان النفي على هذا الوجه فكأنه قال: ليس فيما دون خمس ذود لمالك صدقة؛ فمفهومه مرتب على هذا الوجه، وهو أنه إذا كان للمالك فحسب خمس من الإبل ففيها الصدقة، ويبين ذلك أن نظير هذا اللفظ قد تلقته الأمة على الوجه الذي قلناه، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "ليس فيما دون خمسة أواق من الورق صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة"، فإذا كان النفي في ذلك متوجها إلى المالك فكذلك في هذا الموضع.
ومن أصحابنا من أجاب عن ذلك بأن قال: دليل هذا الخطاب أو مفهومه لا يجري مجرى نطقه، لأن نطقه نفي في نكرة فهو عام.
ودليله: إثبات في نكرة، فلا يكون عاما.
ويدل على ذلك أيضا ما رواه ابن عباس لما بعث معاذا إلى اليمن قال له: أعلمهم أولا أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم، وترد على فقرائهم.
وقد روي هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم فأردها على فقرائكم".

الصفحة 494