كتاب فقه السنة (اسم الجزء: 1)

الله. وما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة، ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا، فيباهي بأهل الارض أهل السماء فيقول: انظروا إلى عبادي، جاءوني شعثا غبرا ضاحين. جاءوا من كل فج عميق، يرجون رحمتي ولم يروا عذابي، فلم ير يوم أكثر عتيقا من النار من يوم عرفة ".
قال المنذري: رواه أبو يعلى والبزار، وابن خزيمة، وابن حبان، واللفظ له.
وروى ابن المبارك عن سفيان الثوري، عن الزبير بن علي، عن أنس ابن مالك رضي الله عنه، قال: وقف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات، وقد كادت الشمس أن تثوب.
فقال: " يا بلال: أنصت لي الناس "، فقام بلال فقال: أنصتوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنصت الناس.
فقال: " معشر الناس: أتاني جبريل عليه السلام آنفا، فأقرأني من ربي السلام، وقال: إن الله عز وجل غفر لاهل عرفات، وأهل المشعر الحرام، وضمن عنهم المتبعات ".
فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا رسول الله هذا لنا خاصة؟ قال: " هذا لكم ولمن أتى من بعدكم إلى يوم القيامة ".
فقال عمر رضي الله عنه: كثر خير الله وطاب.
روى مسلم وغيره، عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو عز وجل ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟ " وعن أبي الدرداء رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما رؤي الشيطان يوما هو فيه أصغر، ولا أدحر (1) ولا أغيظ منه في يوم عرفة ".
وما ذك إلالما رأى من تنزل الرحمة، وتجاوز الله عن الذنوب العظام، إلا ما أري من يوم بدر.
__________
(1) " أدحر " الدحر: الدفع بعنف على سبيل الاذلال والاهانة.

الصفحة 718