كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)

"نحمدك" إيجاد الحمد لا ما سيوجد أسفل من ذلك؛ إذ الإيجاد فعل الله -تعالى وتقدس- لا فعل الحامد؛ إذ الآتي بالفعل غير الموجد كما يظهر بداهة في الزنى والقتل.
وقوله: "لا ما سيوجد" مما لا معنى له، إذ المضارع إما حقيقة في الحال مجازًا في الاستقبال، فلا إشكال في نحمدك، أو هو مشترك بينهما إذ لم يذهب (١) أحد إلى العكس ولا يشك أحد في أن العاقل إذا قال في مقام الحمد: نحمدك، لم يرد أني الآن لا أشتغل بحمدك، ولكن سأفعله، وأمثال هذه الأشياء الواهية لا ينبغي أن نتعرض لها، ولكن تحقيق معنى الحمد لمّا كان من المطالب السَّنِية، والمهمات الدينية كان بذل النصح فيه من الواجبات التي لا يستغنى عنها، وقد ذكروا (٢) من أمورًا أُخر لا مساس لها بالمقام، ولا هي معاني صحيحة -أيضًا- عدلنا عنها مخافة التطويل، وقد أنبأت الشجرة عن الثمرة (٣). والله أعلم.
قوله: "على نعم".
جمع نعمة، وهي العطية، فالحمد والشكر صادقان في هذه المادة، ولا حاجة إلى جعل النعم بمعنى الإنعامات، كما فعل بعض القاصرين (٤).
---------------
(١) آخر الورقة (٢/ ب من ب).
(٢) آخر الورقة (٢/ ب من أ).
(٣) هذا مثل قالته العرب استدلالًا بالشيء على وجود آخر.
(٤) هذا تحامل منه -رحمه الله- على قرينه في طلب العلم جلال الدين رحمه الله تعالى.
راجع: شرح الجلال على جمع الجوامع: ١/ ١٠.

الصفحة 177