كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)

نقوش الكتابة وسوادها قيامًا مجازيًّا: لاشتمال المُحل على الحالِّ، فالضمير في بياضها وسوادها راجع إلى الألفاظ على ما حققناه، ورجوع الضمير إلى الطروس والسطور -كما فعله بعض الشارحين (١) - لا صحة له؛ إذ التقدير حينئذ: ما قامت الطروس والسطور مقام بياض الطروس والسطور، وقيام الجوهر (٢)، وهو الطرس مثل مقام البياض الذي هو عَرَض قائم به مما لا يقول به ذو عقل. هذا والتقييد بمثل هذه الأمور الحادثة الفانية كقولهم: "ما غرَّد القُمْريُّ" (٣)، "ما رنحت عذبات البان ريح صبا" (٤) وكما فعله المصنف مما يفيد الدوام بحسب العرف (٥)، ثم في الطروس
---------------
(١) هو الزركشي والمحلي.
راجع: تشنيف المسامع: ق (٢/ ب)، والمحلي على جمع الجوامع: ١/ ١٨.
(٢) الجوهر: ما يقوم بنفسه، والقابل للأعراض المستفادة كالأمتعة، والمباني. أو هو ماهية إذا وجدت في الأعيان كانت لا في موضوع.
راجع: التعريفات: ص / ٧٩، وكشاف اصطلاحات الفنون: ١/ ٢٠٣، ورسالة في علم المنطق: ص / ١٧، وتسهيل علم المنطق: ص / ٢٦.
(٣) القمري: نوع من الطيور ذات الأصوات المطربة، وغرد: رفع صوته بالغناء، وطرب به، فهو غرد وغريد، يقال: سمعت قُمْريًّا، فأغردني، والأغرودة غناء الطائر، أو الإنسان.
راجع: اللسان: ٤/ ٣٢٠، والقاموس المحيط: ١/ ٣٢٠، والمعجم الوسيط: ٢/ ٦٤٨.
(٤) هذا صدر بيت من بردة البوصيري، وعجزه:
وأطرب العيس حادي العيس بالنغم
راجع: البردة: ص / ٣٦.
(٥) العرف: ما استقرت النفوس عليه بشهادة العقول، وتلقته الطبائع بالقبول.
راجع: اللسان: ١١/ ١٤٠، والتعريفات: ص / ١٤٩.

الصفحة 183