كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)

على وجوبه القياس فهو واجب، فهذا واجب، وكقولنا: كلّ ما دل القياس على وجوب شيء فهو واجب. لكن هذا الشئ مما دل القياس على وجوبه فهو واجب، أولم يجب، فلا يدل على وجوبه، فتلك الدلائل الكلية -أبدًا- إما أن تجعل كبرى الشكل (١) الأول، أو مقدّمًا في القياس الاستثنائي (٢) ثم المختار -في تعريفه- زيادة لفظ العِلْم كما فعله الشيخ ابن الحاجب: لأن العِلم يُستعمل في الكليات، والدلائل المذكورة كلية على ما حققناه آنفًا بخلاف المعرفة، فإنها تستعمل في الجزئيات، ولهذا
---------------
(١) لأن القياس الاقتراني تنحصر أشكاله، أي هيآته التي يأتي عليها في أربعة أشكال، وذلك بحسب هيآت الحد الوسط، والمراد هنا هو الشكل الأول، وهو أن يكون الحد الوسط محمولًا في الصغرى موضوعًا في الكبرى، ومثاله: كل إنسان حيوان، وكل حيوان حساس، ينتج من الشكل الأول: كل إنسان حساس، ويسمى الشكل الكامل، وكبرى الشكل الأول هي الأخرى عكس الاستثنائي.
راجع: تحرير القواعد المنطقية: ص/ ١٥٣، وشرح الأخضري على السلم: ص/ ٣٢، وإيضاح المبهم: ص/ ١٢، وأداب البحث والمناظرة: ص/ ٦٥، وتسهيل المنطق: ص/ ٥٢.
(٢) القياس الاستثنائي: هو ما تكون فيه النتيجة أو نقيضها مذكورة بالفعل ويسمى -أيضًا- قياسًا شرطيًّا كقولهم: إن كان هذا جسمًا، فهو متحيز، لكنه ليس بمتحيز ينتج أنه ليس بجسم، ونقيضه قولهم: إنه جسم مذكور في القياس، أو يكون عين النتيجة كقولهم: إن كانت الشمس طالعة، فالنهار موجود لكن الشمس طالعة، فالنهار موجود، فهذه النتيجة مذكورة هيئتها الاجتماعية في تالي القياس، والشرطية فيه هي الكبرى، والاستثنائية هي الصغرى عكس الاقتراني كما تقدم ذكره، وسمي قياسًا استثنائيًّا مع أن حرف الاستثناء في هذا الفن هو لفظة (لكن) خاصة إنما هو اصطلاح منطقي.

الصفحة 202