كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)

قال: "والحكم خطاب الله [المتعلق بفعل المكلف من حيث إنه مكلف] (١) ".
أقول: لمّا أخذ الحكم (٢) -في تعريف الفقه- ولم يكن بيِّنًا أراد بيانه، واللام في "الحكم" -هنا- للعهد، أي الحكم
---------------
= أن الراجح يجب الحكم به، وكذا صاحب المعتمد، وصاحب الوافي، وجمهور من تحدث في هذا العلم كلهم يقولون الأحكام الشرعية معلومة، واختاره الإمام الرازي في المحصول، ووافقه من المختصرين للمحصول صاحب الحاصل والتحصيل، والمنتخب، وخالفه التبريزى فقال: من الأحكام ما يعلم، ومنها ما يظن.
ورجح القرافي أن الأحكام الشرعية معلومة للقطع بوجوب العمل بما أدى إليه ظن المجتهد، فالحكم معلوم قطعًا، والظن واقع في طريقة تقريره.
وقد ذكر الخلاف شيخ الإسلام عند كلامه على خبر الواحد ورجح بأن الأحكام الشرعية سواء ما دلالته قطعية أو ظنية، كلها تفيد العلم مبينًا ذلك بالتفصيل.
راجع: المعتمد: ١/ ٤، والبرهان: ١/ ٨٥، والمستصفى: ١/ ٤، والوصول إلى الأصول ١/ ٥٠، والإحكام للآمدى: ١/ ٥، والنفائس: (١/ ١٤/ ب، ١٨/ ب)، وتنقيح المحصول: ١/ ٥، والتحصيل: ١/ ٥، والحاصل: ق (٣/ أ)، والإبهاج: ١/ ٣٨، وروضة الناظر: ص/١٣، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام: ٢٠/ ٢٥٧ - ٢٥٨.
(١) ما بين القوسين من (ب) وفي (أ) "والحكم خطاب الله إلى آخره".
(٢) الحكم -لغة- يطلق على معان كثيرة: منها المنع والقضاء يقال: حكمت عليه بكذا، أي منعته من خلافه، وحكمت بين الناس: قضيت بينهم وفصلت، ومنه الحكمة، لأنها تمنع صاحبها عن أخلاق الأراذل، والفساق، ومنه قول جرير:
أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم ... إني أخاف عليكمو أن أغضبا
وفى العرف يطلق على إسناد أمر إلى أمرٍ آخر، أي نسبته إليه سلبًا أو إيجابًا، أما الحكم في الاصطلاح فبحسب كل اصطلاح، فعند الأصوليين كما ذكره المصنف =

الصفحة 215