كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)

ولما كان الحق عدم الاحتياج إلى الزيادة المذكورة -لأن الحيثيات معتبرة في الحدود- أسقط المصنف الزيادة، وأبرز الحيثية المعتبرة إذ تعلق الخطاب في القصص ليس من حيث إنهم مكلفون، وهو ظاهر (١)، وهنا شُبَه لا بد من إيرادها والجواب عنها:
الأولى: أن الحد غير منعكس لخروج الأحكام المتعلقة بفعل الصبي.
والجواب: أن الأحكام التي يتوهم تعلقها بفعل الصبي إنما هي متعلقة بفعل الولي، هو المأمور وهو الآثم بتركها، المثاب على فعلها (٢).
الثانية: أن أحكام الوضع خارجة -أيضًا- كدلوك الشمس للسببية (٣).
---------------
(١) هذا الجواب أخذه عن العضد، فإنه ذكر تعريف الحكم، ثم قال: "واعلم أن الحد الأول للغزالي، ويمكن الذب عنه بأن الألفاظ المستعملة في الحدود تعتبر فيها الحيثية، وإن لم يصرح ها، فيصير المعنى المتعلق بأفعال المكلفين من حيث هم مكلفون، وقوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: ٩٦] لم يتعلق به من حيث هو فعل مكلف، ولذلك عم المكلف وغيره"، شرح العضد على المختصر: ١/ ٢٢٢.
(٢) لأنه هو المخاطب بأداء ما وجب على الصبي والمجنون في مالهما كالزكاة، وضمان المتلف، كما يخاطب صاحب البهيمة بضمان ما أتلفته حيث فرط في حفظها لتنزل فعلها -في هذه الحالة- منزلة فعله، وصحة عبادة الصبي -كصلاته، وصومه- المثاب عليهما ليس لأنه مأمور بها كالبالغ، بل ليعتادها، فلا يتركها بعد بلوغه إن شاء الله ذلك.
راجع: المحلي على جمع الجوامع: ١/ ٥١ - ٥٢.
(٣) ولهذا زاد الإمام ابن الحاجب قيد "الوضعية" لأنه اعتبر خطاب الوضع من الحكم، كما تقدم.

الصفحة 218