كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)

وأجيب بأن المجتهد إذا ظن الحكم في حادثة، وجب عليه الفتوى والعمل بذلك الحكم للإجماع القطعي على أن المجتهد يجب عليه اتباع ظنه لعدم جواز تقليد مجتهد آخر (١)، فيقال -حينئذ- هذا مظنون المجتهد، وكلُّ ما هو مظنون المجتهد فهو حكم الله قطعًا، فهذا حكم الله قطعًا، وأنت خبير بأن هذا الكلام إنما يتم على مذهب من يقول: كل مجتهد مصيب؛ لأن حكم الله -عندهم- تابع ظن المجتهد ولا يفارقه، فحيث وجد وجد، وهو مذهب مردود عند أهل الحق (٢).
وأما إذا قيل: إن المجتهد قد يخطئ -كما هو الحق- فهذا الجواب لا يستقيم؛ لأن المقطوع به إن كان وجوب العمل بمظنونه فهو مسلَّم، ولكن
---------------
= الثالث: يطلق على الصناعة، كما تقول: علم النحو، أي صناعته، فهذا يندرج فيه الظن، واليقين، وكل ما يتعلق بنظر في المعقولات لتحصيل مطلوب يسمّى علمًا، ويسمّى صناعة، وعلى هذا الاصطلاح لا يرد السوال الذى أورده الشارح نقلًا عن الباقلاني، ولعل المصنف أراد هذا المعنى مع أن غالب الأصوليين أوردوه، ويحتمل أنهم لم يريدوا هذا المعنى، أو أرادوه ومعه معنى العلم في الأصل.
وقد ذكر المحلي أنهم عبروا عن الفقه هنا بالعلم -وإن كان لظنية أدلته ظنًّا كما سيأتي في التعبير عنه في باب الاجتهاد- لقوة ظن المجتهد، فصار قريبًا من العلم.
راجع: المحصول: ١/ ق / ١/ ٩٢، والإبهاج: ١/ ٢٨، والمحلي على جمع الجوامع: ١/ ٤٥، وتشنيف المسامع: ق (٤/ أ).
(١) راجع: الكاشف عن المحصول: (١/ ق/ ١/ ٦٣)، وشرح تنقيح الفصول: ص/ ١٨، ونهاية السول: ١/ ٤١.
(٢) هذه المسألة، سيأتي الكلام عليها في آخر الكتاب في باب الاجتهاد إن شاء الله تعالى.

الصفحة 224