كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)

الحكم مظنون له لم يصر قطعيًّا، غاية الأمر أن الإجماع انعقد على وجوب العمل بذلك المظنون، وإن كان العلم بالأحكام، فهذا الدليل لا يفيده.
قوله: "ومن ثم لا حكم إلا لله (١) [والحسن والقبح بمعنى ملائمة الطبع ومنافرته، وصفة الكمال والنقصان عقلى، وبمعنى ترتب الذم عاجلًا، والعقاب أجلًا شرعي خلافًا للمعتزلة" (٢)] (٣).
---------------
(١) اللائق بذكر هذه المسألة في أصول الدين غير أنه لما كان المراد بالحسن والقبح المعنى الذى يتبعه الحكم الشرعي ذكرها الأصوليون في كتب الأصول وفرعوا عليها أنه لا حكم قبل البعثة، وأن شكر المنعم غير واجب عقلًا ليردوا بذلك على المعتزلة، كما سيأتي.
(٢) لما خالف واصل بن عطاء الغزال الحسن البصري في القدر، وفي المنزلة بين المنزلتين، وانضم إليه عمرو بن عبيد في بدعته طردهما الحسن عن مجلسه، فاعتزلاه إلى سارية من سواري المسجد في البصرة، فقيل لهما ولأتباعهما: معتزلة لاعتزالهم قول الأمة، وقد افترقت المعتزلة فيما بينها إلى عشرن فرقة كل فرقة منها تكفر سائرها، ورغم ذلك، فهم متفقون على نفي صفات الله تعالى، والقول بخلق القرآن، وأن الله غير خالق لأفعال العباد، ولا لشيء من أفعال الحيوانات؛ ولأجل هذا سموا قدرية، وأن رؤية الله في الآخرة مستحيلة، وأن الفاسق المسلم بالمنزلة بين المنزلتين، وهي أنه لا مؤمن، ولا كافر، ولأجل هذا سموا معتزلة، والذى وضع أصول المعتزلة هو واصل بن عطاء، ثم صنف لهم أبو الهذيل العلاف كتابين بين فيهما مذهبهم، وجعله مبنيًّا على أصول خمسة هي: التوحيد، والعدل، والوعيد، والمنزلة، بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وضمنوه جواز الخروج على الأئمة إذا جاروا، كما ضمنوا الأربعة السابقة ما تقدم ذكره مما اتفقوا عليه، ثم جاء القاضي عبد الجبار وشرح الأصول الخمسة.
راجع: الفرق بين الفرق: ص/ ١١٤، والملل والنحل: ١/ ٤٣، والتبصير في الدين: ص/ ٦٣، والعقيدة الطحاوية: ص/ ٨٨، والتعريفات: ص/ ٢٢٢.
(٣) ما بين المعكوفتين زيادة من (ب).

الصفحة 225