كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)

أقول: لمّا قال: الحكم خطاب الله -وقد تقرر في علم البلاغة أن المبتدأ والخبر إذا كانا معرفتين، فالتركيب مفيد للحصر كقولنا: المنطلق زيد، أي: لا غير زيد (١)، فقولنا: الحكم خطاب الله، أي: لا غير- حكم المصنف بأن لا حكم إلا لله بناء على ذلك، وعلله به صريحًا، أي لأجل ما ذكر كان الحكم منحصرًا في الله سبحانه وتعالى (٢).
ثم المهم -في هذا المقام- تحرير محل النزاع، ولا يمكن ذلك التحرير إلا بتلخيص معنى الحسن والقبح، فنقول: الحسن والقبح يطلقان على الشيء باعتبار معان ثلاثة:
الأول: المنافرة والملائمة، فالصوت الطيب حسن بهذا المعنى، والصوت الكريه مبيح، وليس هذا محلًا للنزاع، فإن العقل له فيه حكم ضرورة لا يمكن إنكاره.
الثاني: الكمال في الشيء والنقصان فيه، فالعلم في الإنسان حسن والجهل قبيح، ولا شك أن الحاكم في ذلك هو العقل.
---------------
(١) راجع: الإيضاح في علوم البلاغة: ١/ ١٨٨ - ١٨٩، والبلاغة الواضحة: ص / ٢١٨.
(٢) بدأ المصنف -رحمه الله- بالكلام على الحكم، وضمنه الحديث عن الحاكم؛ لأن الحكم والحاكم متلازمان، وكذا فعل غيره، وهناك آخرون عرفوا الحكم بنوعيه التكليفي والوضعي، ثم قسموه وعرفوا كل قسم، وبعد ذلك ذكروا هذه المسألة، والآمدي قدم الكلام على الحاكم.
راجع: المحصول: ١/ ق / ١/ ١٠٧، والإحكام للآمدي: ١/ ٦١، والإبهاج: ١/ ٤٣، ونهاية السول: ١/ ٤٧، وشرح الكوكب المنير: ١/ ٣٠٠.

الصفحة 226