كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)

الثالث: وهو أن يكون الفعل مناطًا للثواب في الآخرة، أو العقاب هل هو [الحاكم] (١) العقل، أو لا؟ فيه خلاف بين الأشعرية (٢)، والمعتزلة، والحنفية في بعض الأشياء.
قالت الأشعرية: لا يمكن الحكم بأن فعلًا من الأفعال يصلح أن يكون مناطًا للثواب أو العقاب إلا من الله سبحانه وتعالى؛ إذ هو المثيب والمعاقب لا علة لفعله يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، ومتمسكهم في ذلك أمران:
أحدهما: أن حسن الفعل وقبحه ليسا لذات الفعل، ولا لأمر داخل في ذاته، ولا لخارج لازم لذاته، حتى يحكم العقل بحسن الفعل أو قبحه؛ بناء على تحقق ما به الحسن والقبح.
وثانيهما: أن فعل العبد اضطراري (٣) لا اختيار له فيه، وليس للعقل أن يحكم بالثواب أو العقاب لمن يفعل شيئًا بلا اختيار، وليس معنى قولنا: متمسكهم الأمران المذكوران أنه لا بد من اجتماع الأمرين، بل كل
---------------
(١) ما بين المعكوفتين من (أ).
(٢) الأشعرية: هم نسبة إلى أبي الحسن علي بن إسماعيل المنتسب إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، ومراده بالأشاعرة هنا أهل السنة جميعًا لأن هذا هو مذهب الجميع بالنسبة لهذه المسألة.
راجع: الملل والنحل: ١/ ٩٤.
(٣) سيأتي الكلام على هذه المسألة.

الصفحة 227