كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)

ثم أحكام العقل -في أفعال العباد- منها ما هو ضروري كحسن الصدق النافع، وقبح الكذب الضار، ومنها ما هو نظري كحسن الكذب النافع، وقبح الصدق المضر، ومنها ما لا يدركه العقل كحسن صوم آخر يوم من رمضان (١)، وقبح صوم أول يوم من شوال (٢)، فإن العقل لا سبيل له إلى دركه، لكن لما ورد به الشرع كشف عن حسن وقبح ذاتيين.
والدليل -على بطلان الأول (٣) -: أنه لو كان الحسن والقبح ذاتيين لما كان العمل الواحد حسنًا وقبيحًا في وقتين.
والثاني: كاذب لما بيناه من أن الصدق تارة حسن، وتارة قبيح.
---------------
(١) لأن صوم آخر يوم من رمضان هو من الشهر الكريم الذي أمر الله بصيامه وجعله ركنا من أركان الإسلام كما هو معلوم من كتاب الله، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: ١٨٣].
ولقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان". رواه البخارى ومسلم، وغيرهما.
راجع: صحيح البخارى: ١/ ١٠، وصحيح مسلم: ١/ ٣٤.
(٢) لما روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نهي عن صيام يومين: يوم الأضحى، ويوم الفطر".
راجع: صحيحه: ٣/ ١٥٢.
(٣) هذا رد من الشارح على أقوال المعتزلة السابقة.

الصفحة 230