كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)

قالوا: حسن بعض الأشياء وقبحها لا يتوقف على الشرع، بمعنى أن العقل يحكم في بعض الأشياء بأنها مناط للثواب والعقاب، وإن لم يأت نبي ولا كتابه، وبعض تلك الأحكام بديهي، وبعضها كسبي كما ذكرنا في تقرير مذهب المعتزلة [بلا فرق] (١) والله الموفق.
قوله: "وشكر المنعم واجب بالشرع".
---------------
= الفعل المنهي عنه قبل أن ينهى عنه صالحًا لأن ينهى عنه بأن يكون فيه مفسدة تقتضي قبحه، وتجعله صالحًا لأن ينهى عنه، وأن يكون مناطًا للعقاب على الفعل، والثواب على الكف عنه، ويخالفون المعتزلة في التزام القبح والحسن حكمًا للأفعال قبل ورود الشرع من وجوب، وحرمة، وسواهما، فلا يلزم -عندهم- من كون الفعل مصلحة وحسنًا، أو مفسدة وقبيحًا، أن يكون لله فيه حكم قبل البعثة، فهم يوافقون الأشاعرة في هذا، ويوافقون المعتزلة فيما تقدم ذكره.
قال الشيخ بخيت: "فكان مذهب هؤلاء المحققين من الحنفية مذهبًا وسطًا بين مذهب الاعتزال ومذهب الأشاعرة، فهو مذهب خرج من بين فرث ودم لبنًا خالصًا سائغًا للشاربين" كما أنه حمل على الأصوليين من الشافعية إهمالهم هذا المذهب.
والواقع أن مفارقة الأحناف للمعتزلة في لازم من لوازم التسليم، وهو لا حكم للأفعال قبل ورود الشرع من وجوب وحرمة إلخ، لا ينفى موافقتهم للمعتزلة في أصل القاعدة، وهذا أهم ما فيها، بل قد صرح بذلك في فواتح الرحموت: كما تقدم.
راجع: التلويح على التوضيح: ١/ ١٨٩، وفواتح الرحموت: ١/ ٢٥، وتيسير التحرير: ٢/ ١٥٠، وسلم الوصول على نهاية السول: ١/ ٨٣، وهامش المحصول: ١/ ق/ ١/ ١٨٤.
(١) ما بين المعكوفتين سقط من (ب) وأثبت هامشها.

الصفحة 232