كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)

أقول: لما بطل حكم العقل مطلقًا، فكان شكر المنعم غير واجب عقلًا (١)، لكن أصحابنا ذكروا فرعين -على التنزل، أي: ولو سلمنا أن العقل حاكم كما زعمتم لكن لا يستقيم حكمه في هذين الفرعين-:
الأول: لو وجب لوجب لفائدة (٢)؛ إذ الوجوب بلا فائدة عبث لا يجوز عقلًا، وإذا وجب لفائدة، فتلك الفائدة [إما] (٣) للعبد، أو لله تعالى، وكلاهما منتف.
أما انتفاء الثانية: فلكونه -تعالى- متعاليًا عن الفائدة، وأما انتفاء الأول: فلأن تلك الفائدة إما في الدنيا، ولا يتصور ذلك إذ من تلك الأفعال -التي تتضمن شكر المنعم- واجبات ومحرمات، ولا شك أنها مشاق وتكاليف لا حظ للنفس فيها، وإما في الآخرة، ولا يمكن ذلك -أيضًا- لأن أمر الآخرة غيب لا اطلاع لأحد عليه حتى يحكم العقل فيه.
---------------
(١) مسألة شكر المنعم فرع عن مسألة الحسن والقبح، ويبحث الأصوليون من أهل السنة هذه المسألة على التسليم جدلًا بالحسن والقبح العقليين، مع أنه إذا بطل هذا الأصل لم يجب شكر المنعم عقلًا خلافًا للمعتزلة.
راجع: الشامل لإمام الحرمين: ص / ١١٥، ١١٩، والمستصفى: ١/ ٦١، والإحكام لابن حزم: ٢/ ١٥٣، والإحكام للآمدى: ١/ ٦٧، وشرح العضد: ١/ ٢١٦ - ٢١٧، والمسودة: ص/ ٤٧٣، والفروع لابن مفلح: ٦/ ١٨٥، والمحلي على جمع الجوامع: ١/ ٦٢، وتيسير التحرير: ٢/ ١٦٥، ومناهج العقول: ١/ ١٤٧، وإرشاد الفحول: ص/ ٨.
(٢) آخر الورقة (٧ / ب من ب).
(٣) ما بين المعكوفتين سقط من (أ) وأثبت بهامشها.

الصفحة 233