كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)
ونقول للواقف: إن توقفت في الحكم لعدم السمع، فهو مذهبنا، وإن توقفت لتعارض الأدلة، فلا تعارض، فبطل حكم العقل في هذه المسألة- قطعًا.
إذا عرفت هذا عرفت أن كلام المصنف -في هذا المقام- ليس على ما ينبغي لأنه أشار إلى الفرع الأول بقوله: وشكر المنعم واجب بالشرع، وإلى الفرع الثاني بقوله: ولا حكم قبل الشرع، ثم قال: وحكَّمت المعتزلة العقل؛ لأنه لمّا بين أن الحكم خطاب الله -تعالى- وأن لا حاكم عند أهل الحق سواه كان المناسب أن يذكر -بعد ذلك- مذهب المخالف ويستدل على بطلانه، ثم يذكر الفرعين على سبيل التنزل، وقد أوضحنا لك المقام بما لا مزيد عليه، والله الموفق.
قوله: "والصواب امتناع تكليف الغافل".
أقول: لما فرغ من تعريف الحكم، وبين ما هو الحق في الحاكم، شرع في بيان المحكوم عليه، وهو المكلف.
فنقول: مَن منع تكليف المحال (١)، منع تكليف الغافل (٢)، والمراد بالغافل: من لم يتصور التكليف لا من لم يصدق به، فلا يرد تكليف
---------------
(١) سيأتي الكلام على هذه المسألة ص/ ٣٧٢ - ٣٧٦.
(٢) الغفلة عن الشئ: معنى يعتري الإنسان بدون اختيار منه بأن لا يخطر ذلك الشئ بباله. وقد ذهب إلى تكليف الغافل أصحاب أبي حنيفة غير أنهم قسموا النسيان إلى قسمين، أصلي، وقسم يقع فيه المرء بالتقصير، وهذا الأخير يصلح للعتاب عندهم =
الصفحة 236
508