كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)
والاختيار: هو القصد إلى أمر متردد بين الوجوب والعدم بترجيح أحد جانبيه على الآخر.
والرضا: هو موافقة الباطن مع الظاهر، وهو الذي أشير إليه بقوله تعالى: {مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: ١٠٦] (١).
أي راض به دون الكفر، ففى إجراء كلمة الكفر على اللسان اختيار بالمعنى الذي ذكرنا، دون الرضا لعدم موافقة القلب اللسان.
ثم ذلك الاختيار إما أن يكون معتبرًا يسند إليه الحكم، أو لا بأن يسند الحكم إلى اختيار آخر، وبهذا الاعتبار ينقسم الإكراه إلى الملجئ بأن يضطر الفاعل إلى الفعل، أو لا يكون بأن يتمكن من الترك، وقد علم من هذا التقرير أن إفراد الإلجاء عن الإكراه، ثم عطفه عليه غير سديد.
ثم الأصل -عند الشافعي (٢) رضي الله عنه في الإكراه- هو أن المكره عليه إما أن يحرم الإقدام عليه، وهو الإكراه بغير حق، أو لا، وهو الإكراه بحق.
---------------
(١) قال تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل: ١٠٦].
(٢) هو الإمام القرشى حافظ السنة وناصرها أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، ولد سنة (١٥٠ هـ)، أحد الأئمة الأربعة، وهو واضع الأصول ومؤسسه على الأرجح، انفرد عن الأئمة الآخرين بتدوين فقهه بنفسه، توفي سنة (٢٠٤ هـ) رحمه الله، وهو أشهر من أن يُعرَّف =.
الصفحة 239
508