كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)

عند خوف القتل، أو ما يلحق به من قطع عضو ونحوه، فلا يتعلق الحكم بذلك الفعل، بل ينقطع تعلقه مع قيام دليله لوجدان المانع سواء كان الإكراه على قول، أو فعل؛ لأن صحة القول تكون بقصد معناه، وصحة العمل إنما تكون بالرضا بمقتضاه.
ولا شك أن الاختيار، وإن لم يُنافِ الإكراه -على ما تقدم- لكنه يفسد به في بعض الموارد كما إذا هدد بالضرب على شرب الخمر، أو على الأكل في رمضان؛ لأن الاختيار -وإن كان موجودًا ظاهرًا- لكن ليس بمعتبر (١) دفعًا للضرر (٢) إذ الضرر مدفوع عمن هو محترم معصوم الحقوق شرعًا.
ثم إذا قطع الحكم عن فعله، فإن أمكن نسبة الحكم إلى فعل الحامل عليه، يعني المكره نُسب إليه كما إذا أُكره على إتلاف مال الغير، وإن لم يمكن بطل الفعل كما إذا أكره على الإقرار والطلاق والنكاح وسائر المعاملات.
---------------
(١) مسألة المكره المباشر بنفسه الكلام فيها من جهة عدم جواز تكليف من أزيل رضاه بالإكراه وبقى اختياره وقدرته مع علمه بالتكليف، أما مسألة المكره الملجأ فالكلام فيها من جهة عدم جواز تكليف من أزيل رضاه واختياره، وصار بالإلجاء لا قدرة له أصلًا، وهذا الفرق بينهما معتبر فيهما.
راجع: تقريرات الشربيني على شرح المحلي: ١/ ٧١.
(٢) آخر الورقة (٨/ ب من ب).

الصفحة 241