كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)

وإن لم يكن عذر شرعى؛ أي لم توجد رخصة من الشارع في ذلك الفعل كالإكراه على قتل السلم بغير [حق] (١)، وكالإكراه على الزنى تعلق الحكم بفعلهما حتى يجب القصاص، وحد الزنى على القاتل والزاني مكرهين في القاتل على الأصح، وعلى رأي في الزاني.
وقد تبين بهذا التقرير أن قول المصنف: والمكره على إطلاقه ليس بصحيح (٢)، وأن شيئًا من الفروع لا يخرج عما ذكرنا.
---------------
(١) سقط من (ب) وأثبت بهامشها.
(٢) رقع خلاف في هل المكره مكلف، أو لا؟ إلى مذاهب:
فذهب الجمهور إلى أن المكره مكلف.
وذهبت المعتزلة إلى أن المكره غير مكلف، وحكي هذا عن الطوفي من الحنابلة والمصنف ذهب إلى أنه غير مكلف، ولكنه يأثم فيما لو أكره على القتل من حيث إنه آثر نفسه على غيره لا من حيث إنه مكره، أو أنه قتل، فهو ذو وجهتين: جهة الإكراه ولا إثم من ناحيتها، وجهة الإيثار ولا إكراه فيها، فإذا آثر نفسه فقد أثم، لكن الزركشي، والمحلي ذكرا بأن المصنف رجع أخيرًا إلى قول الجمهور في تكليف المكره.
أما الأحناف، فإنهم قالوا: الإكراه ثلاثة أنواع: نوع يعدم الرضا ويفسد الاختيار، ونوع يعدم الرضا ولا يفسد الاختيار، ونوع لا يعدم الرضا ولا يفسد الاختيار، ورغم ذلك التقسيم يعدون الإكراه بجميع أقسامه لا يحل شيئًا منه، ولا يوجب سقوط الخطاب عن المكره بحال سواء كان ملجأ، أو لم يكن.
قلت: ولعل الأظهر أن المكره الملجأ يعد محمولًا كالآلة غير مكلف لأنه يكون تكليفًا بما لا يطاق لعدم رضاه واختياره، فصار لا قدرة له أصلًا، أما المكره الذي باشر ما أكره عليه بنفسه كالقتل ونحوه، فهذا مكلف، ولهذا ذكر إمام الحرمين أن العلماء أجمعوا قاطبة على توجه النهى على المكره على القتل، وهذا عين التكليف في حال الإكراه، وهو مما لا منجى منه، وبنحو ما ذكره إمام الحرمين قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازى. =

الصفحة 242