كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)

حتى ذهب بعض العلماء إلى كون الجماعة فرض عين (١)، وكذلك ترك الأذان (٢)، وسائر شعائر الإسلام.
---------------
(١) اتفق العلماء على أن صلاة الجماعة فرض عين وشرط لصحة صلاة الجمعة، واختلفوا في حكمها بالنسبة لغير صلاة الجمعة إلى أقوال كثيرة.
فذهب الأحناف إلى أنها سنة مؤكدة تشبه الواجب في القوة حتى استدلوا بملازمتها على وجود الإيمان، وذهب البعض منهم إلى أنها فرض كفاية، ومنهم من قال: إنها فرض عين، ومنهم من قال بوجوبها.
وذهبت المالكية إلى أنها سنة مؤكدة.
وذهبت الشافعية إلى أنها فرض كفاية، ومنهم من قال: إنها سنة، ومنهم من قال: إنها فرض عين، وهو مروي عن ابن المنذر، وابن خزيمة، ونسب إلى الإمام الشافعي رحمه الله.
وذهبت الحنابلة إلى أنها فرض عين ولكنها ليست شرطًا في صحة الصلاة.
وذهبت الظاهرية إلى أنها فرض عين وشرط في صحة الصلاة لمن سمع النداء، ومن لم يسمع النداء فعليه أن يبحث عن جماعة ولو واحدًا يصلى معه، فإن فرط، فلا صلاة له إلا أن يكون معذورًا.
والسبب في اختلافهم هو تعارض مفهوم الآثار التي سبق ذكرها آنفًا.
قلت: لعل القول بأنها واجبة وليست شرطًا في صحة الصلاة هو الأظهر في نظري للجمع بين النصوص، ولكن مع عدم العذر من مطر، وسيل، وظلمة، ونحو ذلك.
راجع: المحلى لابن حزم: ٤/ ٦٥، والمبسوط: ١/ ١٦٧، وبدائع الصنائع: ١/ ٤٢٢، وتبيين الحقائق: ١/ ١٣٢، وشرح الدر المختار: ١/ ٩٧، وشرح فتح القدير: ١/ ٣٤٤، وشرح الزرقاني على مختصر خليل: ٢/ ٢، وبلغة السالك: ١/ ١٥٢، وشرح منح الجليل: ١/ ٢١١، وكشف الحقائق: ١/ ٥٣، وبداية المجتهد: ١/ ١٤١ - ١٤٢، والمجموع للنووي: ٤/ ١٨٩، والروضة: ١/ ٣٣٩، والمغني: ٢/ ١٧٦ - ١٧٧، والمحرر في الفقه: ١/ ٩١.
(٢) الأذان -لغة-: الإعلان، قال الله تعالى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: ٣].
وقوله: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنبياء: ١٠٩]. =

الصفحة 258