كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)

سنَّتي فليس منِّي" (١) ثم لمّا كان المندوب غير لازم بطلب من الشارع سواء تركه ابتداء أو بعد الشروع لا مؤاخذة عليه للإجماع على عدم المؤاخذة على ما ليس مكلفًا به.
والمندوب، وإن كان مأمورًا به، فليس فيه تكليف، خلافًا للأستاذ (٢) مستدلًا بأن فعله لتحصيل الثواب شاق.
---------------
(١) لحديث أنس بن مالك قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- يسألون عن عبادة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما أخبروا كأنهم تقالُّوها، فقالوا: وأين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم-، وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدًا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا، فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي، فليس مني" رواه البخاري، ومسلم، والنسائي، وغيرهم.
راجع: صحيح البخاري: ٧/ ٢، وصحيح مسلم: ٤/ ١٢٩، وسنن النسائي: ٦/ ٦٠.
(٢) هو إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران الإسفرايينى أبو إسحاق، ركن الدين، جمع أشتات العلوم، متكلم، أصولي، شيخ خراسان في زمانه، قيل عنه إنه بلغ رتبة الاجتهاد، وهو أحد الثلاثة الذين قال فيهم الصاحب بن عباد: "ابن الباقلاني بحر يُغْرِق، وابن فورك صِلُّ مُطْرِق، والإسفرايينى نار تُحرق" لإفحامهم الخصم في مناظرتهم، له مؤلفات منها: الجامع في أصول الدين والرد على الملحدين في خمس مجلدات، وتعليقة في أصول الفقه، وغيرها، وتوفي بنيسابور سنة (٤١٨ هـ) ونقل إلى إسفرايين.
راجع: طبقات الفقهاء للعبادى: ص / ١٠٤، وطبقات الفقهاء للشيرازي: ص / ١٢٦، ووفيات الأعيان: ١/ ٢٨، والوافي: ٦/ ١٠٤، والمختصر لأبى الفداء: ٢/ ١٥٦، وطبقات الأسنوي: ١/ ٥٩، وطبقات السبكي: ٤/ ٢٥٦.

الصفحة 260