كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 1)

اتفاقًا، هذا وأقول: لا يخلو أن ما شرع فيه من النفل هل هو باق على صفة النفل، أو انقلب بالشروع واجبًا؟ والثاني باطل إجماعًا؛ إذ لا يوجد شيء في الشريعة يكون بعضه نفلًا وبعضه واجبًا.
وأيضًا لو كان بالشروع يصير واجبًا لترتب عليه ثواب الواجبات دون النوافل؛ إذ ثواب الواجبات أضعاف ثواب النوافل، وهذا مما لم يقل به أحد.
قوله: "ووجوب إتمام الحج".
جواب سؤال مقدر تقديره قلتم: إن النفل بالشروع لا يلزم، مع أنكم أوجبتم على من أفسد الحج النفل قضاءه (١) في القابل، وألزمتم المضي في فاسده.
أجاب: بأن الحج من قبيل المستثني؛ لأن نفل الحج كفرضه نية وكفّارة؛ إذ لا تعرض في نيته إلى كونه فرضًا أو نفلًا، وأيضًا عدم خروجه بالإفساد فرضًا أو نفلًا متفق عليه، وهذا لا إلزام فيه لأن الحنفية مجوزون الصوم الفرض بنية مطلق الصوم، بل بنية النفل.
وأما الإلزام باستوائهما في الكفارة وعدم الخروج بالإفساد سالم عن الفادح.
والحق أن الحنفية لما أوجبوا المضيَّ في فاسده، فقد اعترفوا بأن الحج خارج عن القاعدة إذ لم يقولوا بالمضيّ في الفاسد في نفل سواه.
---------------
(١) في (أ) "قضاؤه" والصواب المثبت من (ب) لأنه مفعول به.

الصفحة 264